Tuesday, March 8, 2016

المؤمن "الصادق"؟

إريك هوفر و "المؤمن (الصادق)": هل هو انعكاس لتجربته؟


بعد أن أنهيت الكتاب استرجعت الأفكار التي أثيرت في ذهني، وكان أولها حول مدى إمكانية الاعتماد على أراء المؤلف (إريك هوفر) الذي صنع نفسه بنفسه  (يمكن الاطلاع على سيرته بالويكبيديا العربية \ الانجليزية)، وما إن بحثت عنه حتى وجدت أن حياته لم تخل من مصاعب ومشاق أودت به لحافة الانتحار، فقد ولد لأبوين مهاجرين من أصول ألمانية ولكن لم تمنحه الحياة فرصة العيش معهما إذ فارقا الحياة مبكرًا وخسر هو بصره قبل أن يستعيده في عمره الخامس عشر وهو يعمل في بيت أحد أقاربه ثم أخذ يتنقل بين الوظائف ويقرأ كما حاول التطوع للتجنيد خلال الحرب العالمية الثانية في عمر الأربعين لكن تم رفضه لسبب صحي وبعدها عمل في الميناء وألف أول كتبه (المؤمن الصادق) في عام 1951م، مما جعلني أتساءل إن كان قد مر بما كَتب عنه ووصفه بـ"الإحباط"؛ أي هل انطلق كتابه من تجربة شخصية عاشها، وبالتالي فإن ما كتبه ينطلق من زاوية أحادية منبعها تجربته وتستند -بعد ذلك- لقراءاته ومرئياته؟ 

وعندما بحثت في نقده بالعربية (في الانترنت) لم أجد ما يرضي، فتوجهت بالسؤال لـ د. يوسف الصمعان استشاري الطب النفسي الذي أوفاني بالرد مشكورًا: 

"هوفر فيما أعلم عالم اجتماع وفيلسوف، وليس طبيباً نفسياً، هذا ليس ادعاء أن الطبيب النفسي يفقه هذه المسائل بشكل أفضل، ورغم أن هوفر تجنب ' الفرويدية' وهي في ذروتها، لكنه شارك فرويد ذات الأخطاء؛ قصدت من عدد محدود حللهم فرويد حاول أن ينظر للعقل البشري صحيحه ومريضه -وهذا خطأ بزعمي-. هوفر نظر في التطرف حتى دون عناء تقصي ومقابلات (حرة) مع المتطرفين الذين سماهم the true believer أو المؤمن الصادق، ولا أرى فيما قدم إلا تنظير من مفكر -قابل للتصديق والرفض-، وشهرته بالسعودية عائدة إلى عامل آخر، مثلا كتاب فرهاد عن "المفجرون المسلمون" هو من هذا النوع؛ بناء تصور جذّاب قابل للتصديق والرفض، يكاد هذا الكتاب لا يعرف. سكوت أتران هو من جمع معايشة المتطرفين مع كفاءة في التحليل".

ثم بحثت في نقده باللغة الانجليزية وكان مما وجدت هذه المقالة هــنـــا.

ولكن -بالتأكيد- هذا لا يقلل من جهوده وإسهامه إذ لا يزال طرحه حتى اليوم يتداول وخصوصًا في فترة أحداث 11\9 ، كما طبع كتابة 35 مرة حتى عام 2002 (المصدر)، وقد وجدت لقاءً تلفزيونيًا معه:






المؤمن "الصادق" أم "الأعمى"؟


أمر آخر يدفعني للتساؤل هو العنوان: لم أطلق عليه "المؤمن الصادق"؟ لمَ لم يطلق عليه "المؤمن الأعمى" -على سبيل المثال- كون المؤلف أورد بين جنبات كتابه أن الفئة التي يناقشها لا تملك صدقًا مع نفسها فضلًا عن الصدق مع الآخرين، ولا بصيرة تجعل صفة المصداقية تتناسب معها؟ 

يورد المؤلف في مقدمته أن يشير بهذا العنوان لـ "الرجل ذي الإيمان المتطرف المستعد للتضحية بنفسه في سبيل القضية المقدّسة"، لم لم يطلق عليه "المؤمن المتطرف" استنادًا على هذا التعريف؟ هل يحاول الانطلاق من رؤية المتطرف لذاته كونه محور حديثه بدلًا من رؤية الآخرين له فاختار عنوان "المؤمن الصادق"؟




ما مدى مصداقية الطرح؟


من جانب علميّ وجدت مقالات تنقد عدم اعتماد المؤلف على دراسات كمية في كتابه، وكذلك اعتماده على شخصيات معينة في الطرح مما لا يجعل مرئياته قابلة للتعميم.

ومن جانب آخر أتساءل يا ترى هل طرح المؤلف في كتابه وصفي بحت؟ أم أنه يحاول إضفاء صفة النظرة السلبية لبعض ما طرحه؟ 

وإذا كان طرحه وصفيًا بحتًا، فهل ما قاله حول الاحتلال الإسرائيلي عام 1968م أيضًا وصفي بحت أم أنه تبرير للاحتلال؟ وبالمناسبة لم أجد ترجمة عربية لموقفه من الاحتلال، وهو موجود هنـــا كاملاً ، وكان مما قاله الآتي -بترجمتي-:

"اليهود فريدون، فما هو مسموح لغيرهم يُحرم عليهم إذ طرد غيرهم الألوف بل الملايين من الناس، ولم تكن هناك مشكلة لاجئين حين فعلتها روسيا وبولندا ويوغوسلافيا، وكذلك تركيا التي طردت مليون يوناني، والجزائر التي طردت مليون فرنسي، وإندونيسيا التي طردت ما لا يعلمه إلا الله من الصينيين، ولم يرِد أحد حينها ولا حرف حول اللاجئين، ولكن في حالة إسرائيل أصبح العرب المشردون لاجئين أبديين، وأصرّ الجميع على إلزام إسرائيل أن يعيدوا كل العرب فردًا فردًا ... توقع الجميع من اليهود أن يصبحوا النصارى الحقيقيين الوحيدين على وجه الخليقة".  

وأكمل مقالته القصيرة، ثم ختم قائلًا:
"اليهود وحيدون في هذا العالم، وإذا عاشت إسرائيل فهو بفضل جهود اليهود وحدهم وبفضل مواردهم، ولكن حاليًا إسرائيل وحدها حليفنا الموثوق دون شروط، ونستطيع الاعتماد على إسرائيل أكثر مما تعتمد إسرائيل علينا، وعلى أحدنا فقط أن يتخيل ما كان سيحصل في الصيف الماضي إذا كان النصر حليف العرب وأعوانهم الروس ليدرك حجم أهمية إسرائيل لأمريكا وللغرب ككل، لدي شعور لن يفارقني: ما يحدث مع إسرائيل سيحدث معنا، وإذا أبيدت إسرائيل فستكون الهولوكوست علينا".

هل تحويره للحقائق مثل حديثه حول تركيا والجزائر والهولوكوست يكشف شيئًا من طريقته التي ألف فيها كتابه دون مصداقية علمية؟ 




ملخص ومقدمة الكتاب:

يتحدث القسم الأول من الكتاب حول دوافع الانضمام للحركات الجماهيرية بشكل عام، ثم يتناول في القسم الثاني أتباع الحركات، ويتلوه في القسم الثالث تحليل لأهم ركنين وجدت الحركات الجماهيرية لأجلهما -برأي المؤلف- وهما: (1)التضحية بالنفس، (2) والعمل الجماعي، وأخيرًا يراجع في القسم الرابع المشاركين في انطلاق الحركات وانتهائها. 



لم يعرّف المؤلف الحركات الجماهيرية تعريفًا واضحًا في بداية كتابه، ولكنه انطلق يؤكد أن كل الحركات الجماهيرية لها: نفس الخصائص بغض النظر عن توجهها، وجميعها تستقطب أفرادًا لهم نفس الصفات أو "طبيعة واحدة" -على حد قوله-، وجميعها تبعث في نفوس أتباعها انحيازًا لـ :
  • ركن الحركات الأول: التضحية بالنفس:  ويتجلى في استعدادهم للموت في سبيلها وولائهم المطلق وإخلاصهم الأعمى 
  • ركن الحركات الثاني: العمل الجماعي: ويتجلى في وحدتها وسعيها للسلطة
أما أتباعها فيتصفون بـ:
  • ما ينبع من إحباطهم بالدرجة الأولى، ومن ثم كرههم لذواتهم وعدم تقديرهم لها ورغبتهم بالهروب منها عبر التضحية بالنفس: التطرف، والكراهية، وعدم التسامح. 
  • ما ينبع من ذوبانهم في العمل الجماعي ورغبتهم بالقضاء على الحاضر الذي يكرهون وما يتعلق به من أجل مستقبل  وحلم غير واقعي يلمع في خيالهم: الحماسة، والأمل المتقد    



ثم طرح المؤلف فرضيته لهذا الكتاب والتي تتمحور حول الإحباط كعنصر أساسي ويتكرر كثيرًا هنا -ولكن لم يعرفه أيضًا-: 



قبل أن يؤكد أن ما كتبه مجرد نظريات وشروح طرحت لأجل النقاش لا أحكام قاطعة.



القسم الأول: جاذبية الحركات الجماهيرية

تعود جاذبية الحركات الجماهيرية لثلاثة أمور رئيسية: الرغبة في التغيير، وفي إيجاد البدائل، ويؤدي ذلك لتبادلية الحركات عبر الانضمام لأي منها دون اهتمام بمحتواها.


"من البديهي أن كثيرًا ممن ينضمون إلى حركة ثورية صاعدة يتطلعون إلى تغيير مفاجئ كبير في أوضاعهم المعيشية".

بهذه الجملة ابتدأ المؤلف القسم الأول، ولا أعلم علام استند في ما يعتبره أمرًا بدهيًا (!) من أن "كثيرًا" ممن ينضمون للحركات يرغبون في تغيير "مفاجئ" لأوضاعهم "المعيشية"، ثم يستبعد من قائمة الأمور البدهية -دون استناد لإثبات مرة أخرى غير ما يراه- أن تكون المجموعات الدينية والقومية من وسائل التغيير وإن كانت كذلك أحيانًا -من وجهة نظره- ويمضي في طرح أمثلة لذلك من الأديان -كالإسلام والنصرانية- والقومية إذ يقول: 



 وبناء على ذلك يرى لو أن بريطانيا ومصر والصين أشعلت الروح القومية آنذاك لنجحت كما نجحت اليابان وتركيان وألمانيا -ويتكلم عن الصهيونية هنا لكن لم يتضح من أي الحالتين يعتبرها-.


ثم يعيد المؤلف ما يواجهه الإنسان من أمور في حياته تدفعه للرغبة في التغيير لعوامل نفسية تنبع من الإحباط بشكل رئيسي لا من عوامل خارجية كما يفعل البعض حين يبحث عنها خارج ذاته، ويقول:



من عوامل الرغبة بالتغيير: الإحساس بالقوة المنبعث من إيمان أعمى بمستقبل خيالي مع كره الحاضر: 




برأي المؤلف فإن مجرد عدم الرضا عن الواقع لا يدفع للتغيير، بل هي عوامل أخرى التي تدفع لذلك منها الإحساس بالقوة المدفوع بإيمان "أعمى" بأهداف عظيمة غير واقعية:



فبرأيه: إيمان مطلق + "شعور" بالقوة = مغامرة




وسؤالي: ألا ينبعث الشعور بالقوة من الإيمان المطلق؟


ومن مظاهر محاولة التغيير دون إيمان ما يورده:

"ما يقود للتغيير ليس التذمر واستثماره، وإنما إشعال الأمال الجامحة في النفوس".

ومن شروط هذا الإيمان المطلق المحرك للتغيير كره الحاضر والرغبة بالتخلص منه، والتعلق بمستقبل لا يضاهيه أمر آخر:

"يدفعنا الخوف من المستقبل إلى التمسك بالحاضر، بينما يجعلنا الأمل في المستقبل متحمسين للتغيير".
"عندما يبدو الحاضر مثاليا في أعيننا -بحيث أن أقصى ما نتوقعه استمراره- فالتغيير لن يعني لنا سوى تدهور الوضع".



وحين تتأجج آمال أولئك الحالمين -من مختلف طبقات المجتمع- العظيمة تكتسح المصلحين لتتفجر مدمرة الحاضر في محاولة بعث عصر جديد:



فأولئك ما هم إلا مجموعة ممن لم يجدوا ذواتهم وحاضرهم وانصهروا في مجموعة تعينهم على الهرب منها نحو عالم يسعون لإيجاده في المستقبل دون أن يكون لديهم تصور حول كيفية ذلك، وبالتأكيد لا يودون أن يعيد لهم ذلك العالم مسؤوليتهم تجاه ذواتهم، وبالتالي فلن ينتج عن آمالهم عصر حر وسامٍ.



ولذا فهي لا تبنى على محبي الحاضر ممن يحاولون إصلاحه [ربما يقصد المتزنين نفسيًا وحياتيًا] إذ يقول:

"لا ينضم المجربون ذوو الخبرة للحركات الثورية إلا في مرحلة لاحقة بعد التحقق من نجاحها".



مما يجذب للحركات الجماهيرية الرغبة بإيجاد بدائل للمحبطين من واقعهم المتشبثين بآمال مستقبل خيالي:




ولذا فإن أولئك الهاربون من ذواتهم والراغبون في التغيير، ينضمون للحركات الجماهيرية في محاولة لإيجاد بدائل تمنحهم ميلادًا نفسيًا جديدًا:

"يجد المحبطون في الحركات الجماهيرية بدائل إما لأنفسهم بأكملها أو لبعض مكوناتها الأمر الذي لا يستطيعون تحقيقه بإمكانياتهم الفردية".

فما يحتاجه أولئك هو شعلة إيمان تقدح في قلوبهم الحياة بعد اليأس والإحباط:




ومن خصائص هذا الإيمان والأمل الذي تبثه في نفوسهم وترسمه في خيالهم أنه لا يصبّر بل يشجع على الحركة:

تبشر الحركات الجماهيرية الصاعدة بالأمل المباشر الذي يشجع على الثورة لا البعيد الذي يشجع على الصبر.
لا شيء يحث أتباع الحركات الجماهيرية على التحرك مثل الاعتماد على أن الأمل وشيك التحقق.

ولا تستمر الثورات جامحة، بل هي -في الحقيقة- تسعى للسلطة، وتحقيق السلطة لا يتكون إلا بالاستقرار، ولذا فإن هذه الثورات تبدأ بتهدئة أتباعها بعد وصولها، وتتحول طبيعة الإيمان الذي تدعو له من مشجع على الثورة والحركة إلى مشجع على الصبر والطاعة:



حتى يصبح هذا الإيمان والحلم مخدرًا:


 



المحبطون وتحويل الولاءات:


وجود الخلل النفسي والرغبة في البديل الذي يشبع تك الحاجة النفسية يؤدي بالمحبط إلى الانخراط في أي حركة تؤدي ذلك:

عندما يصبح الناس جاهزين للانضمام إلى حركة جماهيرية فهم جاهزون للالتحاق بأي حركة فاعلة وليس بالضرورة لعقيدة أو برنامج معين.

مما يدل على وجود خواء يسعى المحبط لملئه حتى لو كان معنى ذلك تحويل الولاءات:

استعداد المنضمين للحركات الجماهيرية لتحويل الولاء بينها لا ينتهي، وكل حركة ترى من أتباع الأخريات أعضاء محتملين يمكن أن ينقلوا ولاءهم لها.

ويعود ذلك لما أوردناه مسبقًا من تشابه خصائص الحركات وخصائص المنضمين لها مما يضعها في نفس الكفة ويجعلها متنافسة لا متكاملة:



كثيرا ما يكون السبيل لإيقاف حركة جماهيرية هو إيجاد حركة بديلة، إلا أنه لا ينجح بكل الأحوال.

إلا أن المؤلف لا ينصح باستخدام ذلك إذ يعد مغامرة تقضي على الحاضر:

على الذين يريدون الحفاظ على الحاضر كما هو ألا يغامروا باللعب في الحركات الجماهيرية.

ويكمن الحل في الهجرة أحيانًا:

تشكل الهجرة بديلا للحركات الجماهيرية إذ تحقق متطلبات التغيير والبداية الجديدة.

ولكن ليس دائمًا:

قد تكون الهجرة الجماعية ميدانا خصبا للحركات الجماعية.
كل حركة جماهيرية هي هجرة نحو أرض الميعاد -بشكل أو بآخر-.


هل ينضم غير المحبطين للثورات؟


إذا انضم لها من يحبون ذواتهم من غير المحبطين فهو دلالة على تجاوزها مرحلة نشوئها وميلاد استقرارها:

اجتذاب الحركات للطامعين بمصالحهم الذاتية دليل اجتيازها المرحلة الأولى النشطة فلم تعد معنية بإيجاد عالم جديد بل الحفاظ على أوضاعها الراهنة.


ويبالغ المؤلف ليلغي وجود الإيمان بقضية مقدسة لدى غير المحبطين، ويضخم من حجم الإيمان بالذات، فهل جعل منها (عبادة الذات) والتمركز حولها يا ترى؟





ودلالة الهروب من الذات هو الانشغال بالغير وشؤونهم:




ولا أعلم إن كان يدل على الهروب من الذات بقدر ما يدل على وجود خلل في الأولويات وعدم وجود رسالة ورؤية وأهداف، (ومن هذه الناحية أنصح دائما بكتاب د. صلاح الراشد كيف تخطط لحياتك)


وأرى المؤلف يعمم أحيانًا إذ يقول:



وأتساءل: ألا يركز مرة أخرى هنا على التمركز حول الذات إذ يجعل الفردية في كفة والجماعية في كفة أخرى حيث تضم كل الحركات -على اختلافها- وبالتالي بالانضمام لأي حركة يدل على إيمان أعمى وولاء مطلق منبثق من الهروب من الذات والإحباط؟ 


وهذا يعيدنا لخلل عدم تعريف المؤلف للحركات الجماهيرية من وجهة نظره ننطلق من خلاله في فهم طرحه، ويظهر هذا التأرجح في حديثه التالي:





القسم الثاني: الأتباع المتوقعون



(اضغطـ\ـي لتكبير الصورة)




1. المنبوذون أو الغوغاء أو المهملون:


يبتدئ المؤلف هذا الفصل بتعريف من يطلق عليهم "المنبوذين" تعريفًا هلاميًا:

"كثيرا ما يكون معيار الحكم على الأمة هو وضع أقل أفرادها شأنا".
ولا يتبين من أي ناحية هم "أقل شأنًا" ولا مقياس ذلك أو ما أودى بهم لهذا أوالإشارة لما قد يفيد في ذلك.



ويقسم المجتمع لثلاثة أصناف تبعًا لتأثيرهم على مسيرة التاريخ:

إن مسرحية التاريخ يمثلها عادة طرفان: الصفوة من جانب، والغوغاء من جانب آخر، دون مبالاة بالأغلبية التي تقع في الوسط.
إن المنبوذين والمهملين هم المادة الخام التي يصنع منها مستقبل الأمة. 
الأمة التي تخلو من الغوغاء هي التي تتمتع بالنظام والسلام والاطمئنان إلا أنها أمة تفتقر لخميرة التغيير. 


ثم يشرح سبب تأثير "الغوغاء" وتأثيرهم على الحركات:



2. الفقراء المحبطون والأحرار والمبدعون:

يستبعد المؤلف أن يكون الفقر المدقع لوحده مؤثرًا في الانضمام للحركات الجماهيرية:

الفقراء الذين يعيشون على حافة الجوع محصنون ضد الحركات الجماهيرية.
"الصراع اليومي للبقاء على قيد الحياة يحفز على الجمود لا على التمرد".

إذ من ينضم للثورات هم من تذوق طعم الرفاهية، ومن يطلب المزيد من الكماليات لا من يقاتل من أجل الضروريات:




وقد دفع هذا بي للقراءة حول دو توكيفيل وأطروحاته، لكن للأسف لم أجد نسخة من كتابه (النظام القديم والثورة) كـ pdf ولكن وجدت استعراضات للكتاب هــنـــا.

كما وددت التأكد من ذلك وخصوصًا أن ما ورد في التاريخ تأثير الأزمة الاقتصادية على الثورة الفرنسية، فما مدى صحة ذلك؟





ويؤكد المؤلف ذلك:
إحباط من يملك الكثير ويريد المزيد أكبر ممن لا يملك شيئا ويريد القليل.

ثم يقول:
نحن نغامر في سبيل الحصول على الكماليات أكثر مما نغامر لنحصل على الضروريات.
ولا أعلم علام استند في قوله هذا، إذ بحثت ولم أجد ما يفيد في أن البشر يثورون من أجل الكماليات لا الضروريات (؟)، وفي هذه الحالة فأرغب بمعرفة الفقر من منظوره.



وإلى جانب الفقراء المحبطين ينضم الفقراء الأحرار لقائمة من تجتذبهم الحركات؛ فالحرية -برأيه- إحدى مسببات الإحباط:



ومن وسائل الهروب من الذات عدم تحمل مسؤوليتها:

يلجأ الناس للحركات الجماهيرية ليتحرروا من ثقل المسؤولية الفردية، أو كما قال شاب نازي: "ليتحرروا من الحرية".
فبرأي المؤلف أن الإحباط يؤدي للرغبة في الهروب من الذات، وثقل تحمل مسؤوليتها، وبالتالي الذوبان في الحركات الجماهيرية، وهذا يدفعني للتساؤل: مفهوم (الحرية) يتضمن المسؤولية الفردية ولكن هل يرادفه -كما يضعه المؤلف في السياق-؟ ما هو تعريفه للحرية؟

وبالتالي فالمجتمعات الحرة بيئة خصبة للحركات (؟):

أكثر البيئات صلاحية لنمو الحركات الجماهيرية هي المجتمعات التي تتمتع بقدر كبير من الحرية لكنها تفتقر لما يزيل الإحباط.

ويشكل فقدان الحرية والذوبان في الجماعة الذي يميز الحركات الجماهيرية -تحت غطاء التضحية بالنفس والعمل الجماعي- أمر مغرٍ يجتذب الأتباع الهاربين من الحرية أو -بالأصح- من ثقل تحمل مسؤولية ذواتهم المحبطة:





والمساواة النابضة في قلب الحركة وبين أتباعها تشكل عاملًا آخر جاذبًا، إذ لا يشعر الفرد -الهارب من ذاته- بتميزه واختلافه:



وأتساءل حول رأي علم النفس بأن "الشوق للمساواة شوق لفقدان الهوية الشخصية"؟ وقبل ذلك ما هو تعريف المؤلف لها؟ وخصوصًا أنه يرى أن أقلية يطلبون الحرية والأكثرية يريدون المساواة:


فهل يعني هذا أن الأكثرية -إذا كان يقصد بالجماهير هنا المجتمع- لديهم قابلية الانضمام للحركات؟ هل من دلالة إحصائية على ذلك؟ الغريب أنه يعتبر بعض المطالبين بالحرية أيضًا محبطين يعزون فشلهم لعوامل خارجية:


فهل بهذه الطريقة يجعل من يطلبون المساواة ومن يدعون للحرية ومن يهربون منها جميعهم في نفس المجال (؟)؛ جميعهم محبطون يتوقون لأمور لم يجدوها داخلهم فيبحثوا عنها خارجهم.
وأتساءل ما مدى صحة أن المطالبة بالحرية دلالة على الإحباط؟ أمل وجود بحث نفسي يشمل المطالبين بالحرية بناء على هذه الفرضية التي افترضها المؤلف لقياس مدى صحتها.


ومع الفقراء المحبطين والأحرار، يأخذ الفقراء المبدعون الذين نضبت قدراتهم الإبداعية نصيبهم من تأهلهم للانضمام للحركات الجماهيرية: 
غياب القدرة الإبداعية لدى الفرد مؤشر على نزعة قوية تدفعه للالتحاق بالحركات الجماهيرية.

بينما لا يتوقع انضمام المبدعين منهم:
عندما يقترن الفقر بالإبداع فإنه يخلو -عادة- من الإحباط؛ فالإبداع يعزز الثقة بالنفس والعيش معها.

ولا الفقراء المترابطون:




ولذا تستخدم الحركات الجماهيرية سلاح تفكيك المجاميع بهدف استقطابهم، أو تعزيزها من أجل الاستقرار:









بمجرد أن يضعف نمط من التنظيم الجماعي تصبح الظروف مواتية لصعود حركات جماهيرية.


وفي ضرب الأمثلة على ذلك يخلط بين الحالات -التي يجد بينها تشابها تمنيت لو أنه أوضحه في طبيعة الحركات- إذ يقارب ما بين المسيحية والكونفوشيوسية ثم الصين الشيوعية وحكم هتلر إلى جانب العالم الصناعي في أوروبا والاستعمار الغربي والسوفييتي (!) فهل يمكن اعتبارها جميعًا في قائمة الحركات ذات الطبيعة الواحدة -حتى وإن تشابهت بعض مظاهرها-؟ ونعود مرة أخرى هنا للحاجة لتعريف الحركات لضبط ذلك.




هل يختزل المؤلف الجمعية بالحركات الجماهيرية كضد للفردية -التي يدعو لها بشكل متكرر-؟


ثم يسهب المؤلف في الحديث حول الترابط ومواطن نجاحه حسب مشاهداته، بدءًا بنجاح تعزيز الترابط والتعامل معه بشكل صحيح في دعم استمرارية الاستعمار





وفي نشر الرخاء في الدول المستعمرة "المتخلفة" -كما يسميها-:

التحديث الناجع في شعب متخلف لا يمكن أن يتم إلا عبر إطار قوي من العمل الموحد.


وفي التعامل مع الاضطرابات العمالية تحت ظل الاستعمار:

يمكن أن يستخدم الترابط الاجتماعي في منع الاضطرابات العمالية داخل البلاد الصناعية الاستعمارية.



3. العاجزون عن التأقلم:

من بين المحبطين نجد من "لم يجدوا موقعهم في الحياة" كما يورد المؤلف، إلا أنهم ليسوا أفضل المرشحين للانضمام للحركات الجماهيرية إذ لم يفقدوا الأمل بعد ولم يفقدوا الصلة مع أنفسهم بشكل كامل، ويصف من فقد الصلة بنفسه منهم:





الغريب أنه يشابه هنا ما بين المراهقين والعاطلين والمجندين المسرحين وكذلك المهاجرين الجدد.

4. الأنانيون أنانية مفرطة

5. الطموحون الذين يواجهون فرصًا غير محدودة:

يرى المؤلف أن انعدام الفرص أو ندرتها يتساوى مع توافرها بشكل غير محدود في تأثيرها على الأشخاص وبث الإحباط في نفوسهم:


6. الأقليات التي تنوي الذوبان والتفكك

7. الملولون

تجد الحركة الصاعدة من الملولين تعاطفا وحماسا أكثر من ضحايا الاستغلال والظلم.


8. مرتكبو المعاصي لتعذيب ضميرهم

ففي نظر المؤلف، يضحي المجرم الذي انخرط في قضية مقدسة بحياته أكثر من غيره ممن يقدرون حرمة الأنفس والأموال، وقد يكون أولئك المجرمون من فئة الفقراء غير المدقعين والعاجزين عن التأقلم المحبطين ممن انتهى بهم الحال لأحضان الجريمة، وبالتالي ففي وقت الثورات تقل الجريمة العادية لانضمامهم للحركات.


القسم الثالث: العمل الجماعي والتضحية بالنفس

وهما ركني أي حركة جماهيرية:
همّ الحركات الجماهيرية الأساسي هو خلق قنوات للعمل الجماعي وللتضحية بالنفس.
وذلك بأن يقدم المرء قضيته على نفسه، ولا يتحقق ذلك -برأي المؤلف- إلا عندما ينقص تقدير المرء لذاته وثقته بنفسه وشعوره بالإحباط الذي يدفعه برغبة في التضحية بها بل وبكل ما :


ماذا إن فعلوه باختيارهم وكامل وعيهم -دون شعور بالإحباط-؟ لم لم يضع المؤلف خيارًا كهذا؟ هل يعتبر كل ما يتعلق بالجماعة مرتبط بفكر الحركات وبالتالي فهو يخالف ما يجب أن يكون عليه الإنسان؛ فرديًا -في نظره-؟


ومن أجل تشجيع التضحية بالنفس في ظل الحركة يتم تفعيل:

  • التماهي مع الجموع


لكي تهيئ شخصا للتضحية بنفسه لابد من سلخه من هويته الذاتية وعن تميزه عن طريق صهره كليا في العمل الجماعي.

  • الخيال



الأهداف غير الواقعية التي تضعها الحركات الجماهيرية هي جزء من حملتها على الحاضر.

  • احتقار الحاضر

  • العقيدة (العمياء)





ومن شروطها التفسير الغامض وإضفاء الحجب عليها:



فالمؤمن (الأعمى) يلجأ لسبل خداع نفسه قبل خداع الآخرين بدل محاولة البحث واتباع الحقيقة الجلية:

من لا يجدون صعوبة في خداع انفسهم، لا يجدون صعوبة في خداع الآخرين لهم.
يقود انعدام رؤية الأمورعلى حقيقتها إلى السذاجة، ومن ثم سهولة التصديق بالكذب.

  • التطرف


وينتج عن الاغتراب عن النفس وفقدان التوازن -كما هو حال الفئات المحبطة- وبالتالي الانفعال والمشاعر المشحونة:




وهذا ما تسعى الحركات الجماهيرية لتعزيزه من أجل ضمان ذوبان الفرد في كيانها ومن ثم استمرارها:



وهذا الذوبان يخلع عنه صفة التفكير الحيادي ويلبسه صفة الولاء المطلق والأعمى مما يعني عدم نجاح النقاش المنطقي في إقناعه إذ أسباب انضمامه ليست فكرية بقدر ما هي نفسية:




السؤال: ألا ينجح إخراج تطرفه لسطح وعيه في ذلك؟ ألا يتم ما يمارسه بشكل لاواع؟


ولأن المتطرفين متشابهين نفسيًا مهما اختلف انتماؤهم الفكري -دينيًا أو قوميًا إلى غير ذلك- يستنتج المؤلف الآتي:






وذلك ما يجعل المتطرف قابلًا لتحويل ولائه حتى وإن كان لنقيض انتمائه إذا كان يلبي حاجته النفسية:





ومن أجل تشجيع العمل الجماعي في ظل الحركة يتم تفعيل:

  • الكراهية


تتجلى براعة بادئ الحركة الجماهيرية في اختيار العدو المناسب إذ توحد الكراهية العناصر المتنافرة.
وتنبع الكراهية من احتقار النفس أكثر من الشعور بالظلم إذ هي نتيجة للشعور بالفشل والإحساس بالعجز والجبن، ولذا يرى المؤلف أن "كراهية عدو لديه جوانب طيبة أسهل من اختيار عدو سيء تمامًا" إذ تنبعث كراهية الأول من الإعجاب به -وهو بمثابة الاعتراف بتميز العدو-، وهو ما قد يؤدي لتشكلهم على طريقتهم ومن ثم دفع الثمن غاليًا على المدى البعيد:




  • التقليد


بقدر ما يقل رضانا عن أنفسنا تزيد رغبتنا في أن نكون مثل الآخرين المختلفين.
إن الرغبة في الانتماء إلى الآخر هي -في نفس الوقت- رغبة في الإفلات عن النفس.

  • الإقناع والدعاية والقمع



ولا تنجح الدعاية في وضع البذرة من جديد، وإنما سقيها وإحياؤها فحسب:
لا تتغلغل الدعاية إلا في العقول المفتوحة لها؛ فهي ترسخ أراء موجودة بالفعل وتطورها.

وتنجح في ذلك بالترويج لما يلامس خواءهم:
لا تنجح الدعاية عادة إلا مع المحبطين بدغدغة مشاعرهم ومحاكاة أوهامهم.

وتساعد الدعاية في إعادة إحياء الإيمان الأعمى حتى لا يتحول التابع في نظر نفسه إلى مجرم:
تساعدنا الدعاية على تبرير ما نفعله لا على إقناع الآخرين، وكلما ازداد شعورنا بالذنب احتجنا لها أكثر.

وكلما استعاد التابع إيمانه الأعمى زاد غرقًا في التطرف ومن ثم العنف الذي يغذي إيمانه المتطرف:
تخدم ممارسة العنف المؤمن (الأعمى) إذ يقوي إيمانهم؛ فالعنف يولد التطرف والعكس.

وإلى جانب الدعاية يلعب القمع دوره في تأجيج التطرف:
يولد القمع التطرف كما يملك قوة على فرض المبادئ بالإقناع والقسر معا.

  • القيادة

للقيادة التي تتصف بالشجاعة والإيمان المطلق والإرادة الحديدة والجرأة شيء من الخداع والقدرة على تحليل النفس البشرية إلى جانب ما يتصف به المحبطون من كره الحاضر واحتقاره دور في نجاح الحركة، وإذا جاء ذلك القائد انسل الأتباع إليه:
يبدي قليلو الثقة بالنفس أصحاب الحياة الفارغة استعدادا للطاعة يفوق غيرهم
وأكثر الأتباع إخلاصًا -برأي المؤلف- هم المحبطون الذين لا يشاركون في العمل الجماعي بدافع النجاح:
أقل الناس استقلالا هم آخر من يزعجهم احتمال الفشل؛ إذ لا يشاركون بدافع النجاح بل التخلص من اللوم.

  • العمل


يقلل الانغماس في عمل غير إيداعي من الفردية والشعور بالتميز، وينزع لاتباع أنماط موحدة من السلوك مما يدفع الحركات الجماهيرية لاستخدام العمل وسيلة للتوحيد وتوفير الفرص الوظيفية لأتباعها:
الاختفاء النهائي لفرص العمل ينتج إحباطا ومن ثم أرضا خصبة للحركات الجماهيرية.

  • الشك

تعتمد الحركات على الشك باعتباره من آليات السيطرة، وربط أي معارضة في صفوفها بالعدو الذي يهددها من الخارج، ووحدة الحركة لا تنبثق من الحب الأخوي بل من الولاء المطلق للمجموع إذ التابع مستعد للتضحية حتى بأقربائه من أجل الحركة؛ فجزء من التضحية بالنفس للحركة يكمن بالتضحية بالنوازع الأخلاقية التي تشكل جزءًا من الطبيعة البشرية.


ونتيجة هذا الذوبان في العمل الجماعي يؤدي لخلل في طبيعة الشخص النفسية والاجتماعية والفكرية:
يظل يعاني العضو المنصهر في جماعة من غياب الثقة بالنفس وعدم النضج.


القسم الرابع: البداية والنهاية


باختصار، الحركات الجماهيرية يخطط لها رجال الكلمة، ويظهرها إلى حيز الوجود المتطرفون، ويحافظ على بقائها الرجال العمليون.


دور رجال الكلمة والمثقفين في الحركات الجماهيرية:

لا تصعد الحركة الجماهيرية إلا بعد أن يتم تعرية النظام القائم بشكل متعمد من قبل رجال الكلمة ذوي الكلمة المسموعة الذين يؤدون دورًا مهما في التمهيد للتغيير في عقول الناس حتى لا يتعايشوا مع الواقع، إلا أن البساط يسحب من تحتهم من قبل المتطرفين الذين يقومون فعليًا بقيادة التغيير -برأي المؤلف-.

لا يمكن أن يطول بقاء عهد ما برغم عدم كفاءته إلا بغياب كامل للطبقة المثقفة، أو تحالفهم مع الحكام. 

وبالرغم من الدور الذي يقوم به المثقف في التهيئة للعصر الجديد إلا أنه لا يحتاج لاعتناق قضية ما:



 وبالتالي فينتظرأولئك المثقفون مصير "مرعب" بعد استقرار الحركة من كون مواقفهم الفردي لا يتماشى دائما مع الجماهير. 



وبالرغم من خروج الجماهير رغبة في إيجاد عصر جديد، إلا أنهم حتمًا لا يحلمون فعلًا بالحرية التي لا يريدونها أن تثقل كاهلهم -كما يرى المؤلف-:
لا تود الجماهير إقامة مجتمع من أفراد مستقلين ولكن يتميز بالتماثل ويلغي الفردية.
فما هذه السمعة حول الحركات إلا نتاجًا لضجيج الكلمات التي يطلقها المثقفون لتحريك آمال الجماهير.

دور المتطرفين:

وحده المتطرف يستطيع تفريخ حركة جماهيرية، وفي غيابه يسود التذمر دون هدف.

وإحدى الفروق بين المتطرف ورجل الكلمة أن المتطرف يكره حاضره بعكس رجل الكلمة:
رجل الكلمة المبدع مهما انتقد يظل سلميا راغبا بإصلاح الحاضر عكس المتطرف.
كما لا يشعر بالراحة إلا في الفوضى:
يخشى المتطرف الاستقرار والأوضاع الهادئة المنتظمة ولا يستطيع العيش مع نفسه.
ويذكرني هذا بماو الذي أوجد الثورة الثقافية بعد مضي الصين نحو الاستقرار.

كما أن عادة الكراهية المتأصلة لدى المتطرف يدفعه لإثارة العواطف العنيفة حتى لو كان يؤدي لشق الحركة وإيجاد الخلافات:
بمجرد غياب الأعداء الخارجيين -ممن يصبون عليهم جام كرههم- يبدأ المتطرفون بمعاداة بعضهم.

الحركات الجماهيرية والإبداع

وبطبيعة الحال، فإن تأثير الحركات يطال الإبداع كما يطال حياة الناس، ومن تأثيرها على الإبداع:







وفي النهاية 

يغطي الكتاب جوانب مهمة فيما يتعلق بالجانب النفسي للحركات الجماهيرية، ويعرض مختلف أنواع الناس وأدوارهم فيها وتأثيرهم عليها وتأثرهم منها، مما يجعل تجربة قراءته مثرية، إلا أنه لا يخلو من بعض المآخذ التي لاحظتها وهي كالآتي:


- لم يعرّف المؤلف الحركات الجماهيرية مما جعله:
  • يحشد الحركات التي غيرت أو أسهمت في التاريخ جميعها في كفة واحدة، وبذلك خلط بين مختلف الجماعات والحركات وأورد أن لها نفس الخصائص -بالرغم من اختلاف طبيعتها ونشوئها إلى غير ذلك-.
  • يجعل أي جماعة تنافي الفردية في قائمة الحركات الجماهيرية.


- لم يعرّف المؤلف المصطلحات الكثيرة التي أوردها كالتطرف والمساواة وغيرها

- يستخدم المؤلف ألفاظًا مثل "أكثر" و "أقلية" وغيرها دون الاستناد لإثباتات إحصائية
- تعميمه في اعتبار جميع الحركات لها نفس الطبيعة أودى به لتعميم الخصائص على معتنقيها؛ فجميعهم محبطون يعانون من خواء نفسي دفعهم للتضحية بالنفس والذوبان في الجماعة -دون وضع احتمال وجود دوافع أخرى-.



No comments:

Post a Comment