Saturday, February 12, 2011

نظرة في كتاب المرأة في الإسلام

     بالأمس أنهيت قراءة كتاب المرأة في الإسلام والذي اشترك في كتابته د. محمد الغزالي حيث تناول المرأة في ضوء السيرة النبوية، ود.محمد سيد طنطاوي الذي تناول القضية في ضوء القرآن الكريم، وأخيراً د.أحمد عمر هاشم والذي تحدث عنها في ضوء السنة النبوية.

     ويتلخص الكتاب في الحديث عن المرأة كعنصر فعال في المجتمع حيث يكفل لها الإسلام حقوقاً معادلة لأخيها الرجل "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" و "هن لباس لكم وأنتم لباس لهن" حيث يقل د. الغزالي: "إن تقاليد المسلمين في معاملة النساء لا تستند إلى كتاب ولا سنة .. وقد نشأ عن ذلك أن المثقفات في العصر الحديث تجهمن للتراث الديني كله يحسبنه السبب في تجهيل المرأة وهضم مكانتها وإنكار حقوقها المادية والأدبية التي قررتها الفطرة وأكدها الوحي وبرزت أيام حضارتنا واستخفت مع انتشار القصور وغلبة الأهواء"، ويستشهد بواقع المرأة في زمن رسولنا عليه الصلاة والسلام حيث تشارك في البيعات وتحضر المحاضرات والخطب في المساجد وحلق العلم وتعرض آراءها في القضايا المتداولة ذاك الزمن وتطالب بحقوقها وتدافع عنها. ويسلط الضوء على العديد من القبسات في ذلك الوقت وقبله -أي في زمن الجاهلية- فيبحر في أخلاق المرأة مما ذكر في الأبيات الشعرية حين كانت تقدم أبناءها للقتال وتفتخر بالقيم العربية آنذاك، ويقول د.الغزالي: "في دراستي للمجتمع العربي قبيل البعثة وفي مطلع الدعوة الإسلامية وجدت وضع المرأة أوضح وأرسخ من وضعها أيام انحلال الأمة في عصور الهزيمة والاضمحلال الأخيرة. ولنترك مأساة وأد الأنثى في بعض القبائل أو في مسالك الجاهلين الشاذين، ولننظر إلى الوعي العام للمرأة، ونضج شخصيتها، ومشاركتها في شؤون الحرب والسلم، وقدرتها على بلوغ الصفوف الأولى في مواجهة الأحداث التاريخية الكبرى، إننا نرى ما يستحق التسجيل! لقد شاركت المرأة في بيعة العقبة الكبرى، وشاركت في بيعة الرضوان تحت الشجرة! ومن المؤكد أنها كانت ستمنع من مثل هذه المبايعات في تاريخ المسلمين الأخير وسيقال لها: امكثي في بيتك!". كما تحدث عن بعض الشبه كشبهة زواج الرسول عليه الصلاة والسلام من إحدى عشرة زوجة قبل أن يركز على خديجة وعائشة رضوان الله عليهن ومواقفهن التي يشهد لها التاريخ. كما قارن بين وضع المرأة في العصور الأولى وبين عصورنا من مختلف الزوايا كالعلم والجهاد والاهتمامات حيث يقول: "والحق أن المرأة العربية في الجاهلية الأولى برزت شمائلها الحسان في ميادين كثيرة أيام الحرب والسلم، ولم توضع أمامها العوائق التي وضعت أمام المسلمات في عصور الانحطاط العام للأمة الإسلامية. وفي صدر الإسلام استطاعت امرأة من الخوارج أن تقود جيشاً يهزم الحجاج ويحصره في قصره ويتركه مذعوراً ... أما في العهود الإسلامية الأخيرة فإن المرأة ما كانت تدري وراء جدران بيتها شيئاً! وعندما غلبتنا حضارة الغرب المنتصر كان هم المرأة أن تقلد الثوب الرشيق والمنظر الأنيق! أما في غزو الفضاء واكتشاف الذرة ودراسة النفوس والآفاق فإن الأمر لا يستحق الاكتراث، لأنه ليس من شأنها ولا من رسالتها! إن الإسلام لا يقيم -في سباق  الفضائل- وزناً لصفات الذكورة والأنوثة، فالكل سواء في العقائد والعبادات والأخلاق، الكل سواء في مجال العلم والعمل والجد والاجتهاد. لا خشونة الرجل تهب له فضلاً من تقوى، ولا نعومة المرأة تنقصها حظاً من إحسان. وفي القرآن الكريم: "...مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً × وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً".

     أما د.طنطاوي فقد سلط الضوء على بعض الآيات وتفسيرها كآية: "  يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" وقوله تعالى: " فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ ۖ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ۖ " في إثبات أن (النساء شقائق الرجال) وقوله تعالى "لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ × أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا ۖ وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ" تحت مسمى: (هي منه وهو منها)، وآية " إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا" للمساواة في التكاليف الشرعية، وغيرها من الآيات الخاصة بالنساء ومحاوراتهن مع رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقال عن الآيات العامة: "وهذا، وقد اتفقت كلمة العلماء على أن كل خطاب موجه للرجال من جهة الشارع الحكيم، هو موجه -أيضاً- إلى النساء، إلا ما نص فيه على خصوصية الرجال به، أو منع مانع من عمومه للجنسين، واشتهر هذا بين العقلاء حتى صار معلوماً من الدين بالضرورة" ثم تناول بعضاً من هذه الآيات كالتي تتحدث عن العلم مرفقة ببعض الأحاديث النبوية. كما ركز على حرية المرأة قبل الزواج وبعده وتوليها لشؤونها الخاصة كعملها وأموالها وتجارتها وغيرها من الأمور. ولم يغفل الحديث عن قوله تعالى: " وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا" ومن ذلك زيادة درجة مقابل زيادة واجب "وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ". 

     وأخيراً، كان الحديث عن المرأة في ضوء السنة النبوية حيث تكلم د. هاشم عن المرأة قبل وبعد الإسلام، وتناول شيئا من علمها وجهادها. ثم ألقى الضوء على الأسرة المسلمة من مختلف الزوايا ونُظُم العلاقات الزوجية مختتماً بدروس من البيت النبوي.

     وقد تميز د. محمد الغزالي -من وجهة نظري- في طرح القضية وتناولها بشكل يناسب زماننا الذي نعيش فيها بعكس د.هاشم الذي تحدث عنها بطريقة تقليدية من وجهة نظر لم تكن محايدة بشكل كبير.

لتحميل الكتاب: من هنا

No comments:

Post a Comment